موضوع: قصة سيدنا ابراهيم الأربعاء يونيو 18, 2008 11:46 am
نسب سيدنا أبرهيم عليه السلام
هو إبراهيم بن تارخ(وهو ءازر) بن ناخور بن ساروغ بن ارغو بن فالع ابن غابر بن شالخ بن قينان بن ارفخشذ بن سام بن نوح عليه الصلاة والسلام، وقيل: إن إبراهيم عليه السلام كان يكنى أبا الضيفان لأنه كان مضيافًا كثير الكرم لمن استضافه.
كان أهل بابل في العراق يتنعمون برغد العيش ويتفيئون ظلال النعيم الكثيرة التي أنعمها الله عليهم، ولكنهم كانوا يتخبطون في دياجير الظلام ويتردون في وهاد الظلال والكفر، فقد نحتوا بأيديهم الأصنام واتخذوها من دون الله ءالهة وعكفوا على عبادتها، وكان عليهم حاكم ظالم مُستبد يقال له نمرود بن كنعان بن كوش، قيل هو الضحاك وقيل غيره، وكان أحد الملوك الذين ملكوا الأرض وأحاط ملكه مشارق الأرض ومغاربها، فلما رأى ما هو عليه من الزعامة وما يتمتع به من سطوة الملك وقوة السلطان، ورأى ما أطبق على قومه من الجهل والفساد ادعى الألوهية ودعا قومه إلى عبادته، وقيل: كان قوم إبراهيم يعبدون الكواكب السبعة وكان لهم أصنام بشكل الشمس والقمر وأصنام بشكل الكواكب.
مولد سيدنا أبراهيم عليه السلام
في وسط هذه البيئة المنحرفة وفي زمن وعهد هذا الملك الجبار الكافر النمرود كان مولد إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وفي موضع ولادته عليه السلام خلاف قيل : ولد بالسوس من أرض الأهواز، وقيل : ولد ببابل وهي أرض الكلدانيين، وقيل: بحران، وقيل : بغوطة دمشق في قرية يقال لها برزة في جبل يقال له قاسيون، والمشهور عند أهل السير والتواريخ أنه ولد ببابل.
قال أهل التوارخ والسير: إنه لما أراد الله عزوجل أن يبعث إبراهيم عليه السلام وأن يجعله حجة على قومه ونبيا رسولا إليهم، ولم يكن فيما بين نوح وإبراهيم عليهما السلام من نبي قبله إلا هودًا وصالحًا عليهما السلام، ولما تقارب زمان إبراهيم أتى المنجمون إلى هذا الملك نمرود وقالوا له: اعلم إنا نجد في علمنا أن غلاما يولد في قريتك هذه يقال له إبراهيم، يفارق دينكم ويكسر أوثانكم في شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا. فلما دخلت السنة التي وصف أصحاب النجوم لنمرود بعث نمرود هذا إلى كل امرأة حُبلى بقريته فحبسها عنده إلا ما كان من أم إبراهيم زوجة ءازر والد إبراهيم عليه السلام فإنه لم يعلم بحبلها، وذلك أنها كانت جارية لم يعرف الحبل في بطنها، فجعل هذا الملك الطاغية لا تلد إمرأة غلامًا في ذلك الشهر من تلك السنة إلا أمر به فذُبح، فلما وجدت أم إبراهيم عليه السلام الطلق خرجت ليلا إلى مغارة كانت قريبة منها فولدت فيها إبراهيم عليه السلام وأصلحت من شأنه ما يُصنع بالمولود، ثم سدت عليه المغارة ورجعت إلى بيتها، كانت تزوره وتطالعهُ في المغارة لتنظر ما فعل، فكان يشبُ في اليوم ما يشب غيره في الشهر وكانت تأتي فتجده حيا يمص إبهامه، فقد جُعل رزقُ إبراهيم عليه السلام في إبهامه فيما يجيئه من مصه، ولم يمكث إبراهيم عليه السلام في المغارة إلا خمسة عشر شهرا، ثم ترعرع وكبر واصطفاه الله ليمل رسالته وإبانة الحق ودعاء قومه إلى عبادة الله وحده إلى العقيدة الصافية من الدنس والشرك، إلى ترك عبادة الكواكب والأصنام وإلى الدخول في دين الإسلام الذي هو دين جميع الأنبياء.
ذكرت قصة إبراهيم في عدة مواضع من القرءان، تارة باختصار وتارة بالتطويل وتارة بذكر شأن من شئونه في سورة، ثم شأن ءاخر من شئونه في سورة أخرى.
وقصة إبراهيم عليه السلام ترتبط بها قصص أخرى كقصة لوط، لأن إبراهيم ولوطا كانا متعاصرين، ونبي الله لوط هو ابن أخي إبراهيم عليه السلام، وقد ءامن لوط بعمه إبراهيم كما قال تعالى:
[size=21]اختار الله تبارك وتعالى إبراهيم عليه السلام وجعله نبيا رسولا واصطفاه لهداية قومه ودعوتهم إلى دين الإسلام وتوحيد الله وترك عبادة الكواكب والأصنام التي لا تخلق شيئًا ولا تستحق العبادة، لأن الذي يستحق العبادة وحده هو الله تبارك وتعلاى خالق كل شىء.
وقد كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام كفيره من الأنبياء مُنذ صغره ونشأته مُسلمًا مؤمنًا عارفًا بربه معتقدًا عقيدة التوحيد مُنزهًا ربه عن مشابهة المخلوقات، ومدركًا أن هذه الأصنام التي يعبدها قومه لا تغني عنهم من الله شيئًا، وأنها لا تضر ولا تنفع لأن الضار النافع على الحقيقة هو الله تعالى وحده. يقول الله تبارك وتعالى في حق إبراهيم: .
ولقد كان نبي الله إبراهيم عليه السلام مفعم النفس بالإيمان بربه وعارفًا به ممتلىء الثقة بقدرة الله وأن الله تعالى قادر على كل شىء لا يعجزة شىء، وكان غير شاك ولا مرتاب بوجود الله سبحانه مؤمنا بما أوحي إليه من بعث الناس بعد موتهم يوم القيامة وحسابهم في الحياة الأخرى على أعمالهم وما قدموا في هذه الحياة الدنيا.
قال الله تعالى: .
ذكر أهل التواريخ أن إبراهيم انطلق بزوجته سارة وابن أخيه لوط فخرج بهم من أرض الكلدانيين إلى أرض الكنعانيين وهي بلاد بيت المقدس، فنزلوا حران وكان أهلها يعبدون الكواكب السبعة، فقام الخليل إبراهيم عليه السلام يدعو قومه إلى دين الله وترك عبادة الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، وكان أول دعوته لأبيه ءازر الذي كان مشركًا يصنعُ الأصنام ويعبدها ويبيعها للناس ليعبدوها فدعاه إلى عبادة الله وحده وإلى دين الحق والإسلام بألطف عبارة وبأحسن بيان وبالحكمة والموعظة الحسنة، قال الله تبارك وتعالى في مُحكم تنزيله : .
ذكر الله تبارك وتعالى في هذه الآية ما كان جرى بين إبراهيم وأبيه من المحاورة والجدال في دعوته إلى عبادة الله وحده، وكيف دعا أباه إلى الحق بالحكمة والموعظة الحسنة، وبيّن له بُطلان ما هو عليه من عبادة الأوثان التي لا تسمع دعاء عابدها ولا تبصر مكانه، فكيف تغني عنه شيئًا أو تفعل به خيرًا من رزق أو نصر فهي لا تضر ولا تنفع، وأعلمه بأن الله قد أعطاه من الهدي والعلم النافع فدعاه لإلى أتباعه وإن كان أصغر سنا من أبيه لأن أتباعه ودخوله في دين الإسلام وعبادة الله وحده هو الطريق المستقيم السوي الذي يفضي به إلى الخير في الدنيا والآخرة.
ثم بين إبراهيم عليه الصلاة والسلام لأبيه أنه بعبادته للأصنام يكون مُنقادًا للشيطان الخبيث الفاجر الذي لا يحب للناس الخير بل يريد لهم الهلاك والضلال ولا يستطيع أن يدفع عنه عذاب الله ولا أن يرد عنه عقوبته وسخطه.
لم يقبل ءازر نصيحة نبي الله إبراهيم عليه السلام ولم يستجب لدعوته بل استكبر وعاند وتوعد وهدد ابنه إبراهيم بالشر والرجم والقتل وقال له ما أخبرنا الله تعالى عنه في القرءان الكريم: فعندها قال له إبراهيم ما حكا الله عنه :
مناظرة إبراهيم مع الملك الجبار النمرود
أقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام الحجة على قومه بعد أن حطم أصنامهم، فاغتاظوا منه وأحضروه أمام ملكهم المرود وأشراف قومه، فأخذ النمرود ينكر على إبراهيم دعوته إلى دين الإسلام وأن الله تعالى هو رب العالمين لا رب سواه، وأخذ يدعي عنادًا وتكبرًا أنه هو الإله وقال لإبراهيم: أخبرني الذي تعبده وتدعو إلى عبادته ما هو، فقال إبراهيم عليه السلام: وبين له أن الله تعالى هو خالق كل شىء، واستدل على وجود الخالق بحدوث هذه المشاهدات من إحياء ال*****ات وإماتتها، وأنه لا بد لهذه الكواكب والرياح والسحاب والمطر من خالق مسخر لها ومدبر، فقال النمرود الجبار المستكبر: أنا أ ُحيي وأميت أي أنا أحيي من أشاء بالعفو عنه بعد أن يكون صدر الحكم عليه بالقتل فينعم بالحياة، وأنا أمبيت من أشاء بأمري وأقضي عليه بحكمي، وقال: ءاخذ رجلين قد استوجبا القتل فأقتل أحدهما فأكون قد أمته وأعفو عن الآخر فأكون قد أحييته.
ظن نمرود بمقالته هذه البعيدة عن الحقيقة أنه على صواب وأراد المراوغة والاستكبار والعناد، فأراد إبراهيم عليه السلام أن يفحمه بالحجة القوية ويضيق عليه الخناق ويظهر له جهله وسخف عقله أمام قومه، فأعطاه دليلا قويا على أن الله تعالى هو الخالق المدبر لهذا العالم، وأن ما ادعاه عنادًا واستكبارًا باطل فقال له: أي أن هذه الشمس مسخرة كل يوم تطلع من المشرق كما سخرها الله الذي هو خالقها وخالق كل شىء، فإن كنت كما زعمت باطلا أنك تحيي وتميت فأت بهذه الشمس من المغرب، فإن الذي يحيي ويميت هو الذي يفعل ما يشاء ولا يمانع ولا يُغالب، وأمام هذه الحجة الساطعة وقف نمرود مبهوتا مبغوتا أمام قومه، قال الله تعالى في كتابه العزيز: .
وأمام عناد واستكبار هذا الملك الطاغية واستمراره على غيّه وضلاله، يقال: إن الله بعث إلى ذلك الملك العنيد ملكًا يأمره بالإيمان بالله والدخول في دين الإسلام، فأبى عليه ثم دعاه ثانية فأبى عليه ثم دعاه الثالثة فأبى عليه وقال له: اجمع جموعك وأجمع جموعي، فجمع النرود جيشه وجنوده وقت طلوع الشمس وأرسل الله عليه ذبابًا من البعوض بحيث لم يروا عين الشمس وسلط الله هذه الحشرات عليهم فأكلت لحومهم ودماءهم وتركتهم عظاما، ودخلت ذبابة في منخر النمرود فمكثت فيه أربعمائة سنة عذبه الله بها فكان يضرب رأسه بالمرزاب في هذه المدة كلها حتى أهلكه الله عزوجل بها.
أراد قوم إبراهيم عليه السلام أن ينتقموا من إبراهيم عليه السلام لما كسر أصنامهم وحطمها وأهانها، فلما غلبهم بحجته القوية الساطعة أرادوا مع ملكهم هذا أن ينتقموا من فيحرقوه في نار عظيمة فيتخلصوا منه قال تعالى مخبرًا عن قولهم : فشرعوا يجمعون الحطب من جميع ما يمكنهم من الأماكن ليلقوه بها وجعلوا ذلك قربانا لآلهتهم - على زعمهم - حتى قيل إن المرأة منهم كانت إذا مرضت تنذر لئن عوفيت لتحملن حطبا لحريق إبراهيم، وهذا يدل على عظم الحقد المتأجج في صُدورهم ضد إبراهيم عليه السلام. ثم عمدوا إلى حفرة عظيمة فوضعوا فيها ذلك الحطب وأضرموا النار فيها فتأججت والتهبت وعلا لها شرر عظيم لم يُر مثله، وكانوا لا يستطيعون لقوة لهبها أن يتقدموا منها، ثم لما كانوا لا يستطيعون أن يمسكوا إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأيديهم ويرموه في هذه النار العظيمة لشدة وهجها، صنعوا المنجنيق ليرموه من مكان بعيد، فأخذوا يُقيدون إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو عليه الصلاة والسلام موتكل على الله حق توكله، فلما وضعوه عليه السلام في كفة هذه المنجنيق مُقيدًا مكتوفًا وألقوه منه إلى وسط النار قال : ((حسبنا الله ونعم الوكيل)) كما روى ذلك البخاري عن ابن عباس.
فلما ألقي إبراهيم لم تحرقه النار ولم تصبه بأذى ولا ثيابه، لأن النار لا تحرق بذاتها وطبعها وإنما الله يخلق الإحراق فيها، قال تعالى : .
فكانت هذه النار الهائلة العظيمة بردا وسلاما على إبراهيم فلم تحرقه ولم تحرق ثيابه، وقيل: لم تحرق سوى وثاقه الذي وثقوا وربطوا به إبراهيم عليه السلام. ويروى عن بعض السلف أن جبريل عليه السلام عرض له في الهواء فقال: يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال أما إليك فلا.
ولما خبا سعير هذه النار العظيمة وانقشع دخانها وجدوا إبراهيم سليمًا معافى لم يصبه أي أذى فتعجبوا لأمره ونجاته، ومع أنهم رأوا هذه المعجزة الباهرة ظلوا على كفرهم وعنادهم ولم يؤمنوا بنبي الله إبراهيم عليه السلام، لقد أرادوا أن ينتصروا لكفرهم فخذلوا، يقول الله تبارك وتعالى :
أصر قوم إبراهيم عليه الصلاة والسلام على الكفر والظلال ولم يؤمن به إلا نفر قليل منهم، ولما لم يجد إبراهيم عليه السلام منهم إقبالا إلى الهدى والإيمان أراد أن يهاجر إلى بلد يتمكن فيه من عبادة الله ودعوة الناس فيه إلى الإيمان والإسلام، عله يجد هناك ءاذانا صاغية وقلوبًا واعية تقبل الحق والإيمان وتقر بوحدانية الله الملك الديان مالك السموات والارض.
قال الله تعالى حكاية عن نبيه إبراهيم عليه السلام : وذلك حين أراد هجرة قومه بعد هذا الإصرار والعناد منهم على كفرهم وضلالهم، أي إنى ذاهب إلى حيث أمرني ربي عز وجل وهو الشام، أو المعنى إلى حيث أتمكن فيه من عبادة ربي عزوجل. وقال تعالى في حق إبراهيم عليه الصلاة والسلام: .
وهاجر سيدنا إبراهيم عليه السلام مع زوجته سارة وابن اخيه لوط إلى أرض الشام، وبعث الله سيدنا لوط رسولا إلى أهل سدوم في أطراف الأردن المؤتفكة، وكانت هجرة إبراهيم عليه السلام إلى برّ الشام بأمر الله فيها بركة، ثم وهبه الله تبارك وتعالى بهجرته هذه في سبيل الله الأولاد الصالحين وجعل في ذريته النبوة والكتاب، يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز : .
يقال: إنه لما ضاقت سبل العيش في الشام وعم القحط رحل إبراهيم عليه السلام إلى مصر وكانت معه زوجته سارة، وكان عل هذه الأرض ملك كافر جبار متسلط، وكان قابضا على زمام الحكم في هذه البلاد، وكان من جملة الفساد الذي عند هذا الملك الخبيث أنه كان إذا دخلت إلى بلدته وأرضه امرأة جميلة يأخذونها إليه ليفعل الفاحشة بها، فلما دخل إبراهيم عليه السلام مع زوجته سارة إلى أرض هذا الجبار وكانت سارة من أحسن وأجمل النساء وكانت لا تعصي إبراهيم عليه السلام، وصف حسن وجمال سارة عليها السلام لهذا الملك الجبار الخبيث فأرسل إلى إبراهيم فقال له: من هذه المرأة التي معك؟ ففطن إبراهيم عليه السلام إلى مقصده الخبيث ومأربه وخشي إن أخبره أنها زوجته أن يبيت له الشر فيقتله ليتخلص منه فيستأثر بسارة من بعده، فقال له إبراهيم: أختي أي أختي في الإسلام، فظن الملك الجبار أنها غير متزوجة، فطلب منه أن يحضرها إليه في قصره، وذهب إبراهيم عليه السلام إلى زوجته سارة وأخبرها بما جرى مع هذا الملك الجبار وقال لها: يا سارة ليس على وجه الأرض زوجان مؤمنان غيري وغيرك وإن هذا سألني فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني، ودخلت سارة على هذا الملك الجبار بعد أن قامت وتوضأت ودعت الله تعالى أن يكفيها شر هذا الملك الجبار، فلما رءاها هذا الملك أعجب بها ومد يده إليها ليتناولها بيده لكنه أخُذ ويبست يده، فقال لها: ادعي الله لي ولا أضرك، فدعت الله تبارك وتعالى فنفكت يده بعد يُبسها وعادت إلى طبيعتها، ولكن هذا الخبيث طاوع نفسه الخبيثة وأمرته أن يمد يده إلى سارة ليتناولها مرة ثانية، فلما أهوى إليها يبست له مثل المرة الأولى أو أشد، فقال لها: ادعي الله لي ولا أضرك فدعت سارة الله تعالى فأطلق الله يده، فلما رأى الخبيث ما رأى ردها إلى إبراهيم عليه السلام، ودعا بعض حجبته فقال لهم: إنكم تأتوني بإنسان إنما أتيتموني بجنية، ووهب لسارة وأخدمها هاجر، فأقبلت سارة عليها السلام بهاجر إلى زوجها إبراهيم عليه السلام وهو قائم يصلي، ثم لما سألها إبراهيم عما جرى معها قالت له: كف الله كيد الكافرين وأخدمني هاجر، وقد روى هذه القصة بنحوها البخاري في صحيحه عن أبي هريرة موقوفا، والبزار في مسنده والإمام أحمد عن أبي هريرة مرفوعًا.
روى البخاري أن سارة زوجة إبراهيم عليه السلام توضأت لما أتى إبراهيم أرض الجبار، وهذا يدل على أن الوضوء كان موجودًا قبل أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وفي شريعة الأنبياء السابقين.
مكث إبراهيم عليه الصلاة والسلام مع زوجته سارة في فلسطين واستقر بها وكانت سارة عقيمًا لا تلد وكان يحزنها أن ترى زوجها ليس له ولد وقيل: كان قد بلغ من العمر ستا وثمانين سنة وهي قد جاوزت السبعين، فوهبت سارة هاجر وأعطتها لزوجها إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فقبل إبراهيم ذلك فلما أعطت سارة هاجر لإبراهيم عليه السلام صارت ملكه وحلالا له في شريعة الله لأنها كانت أمة مملوكة، فلما دخل إبراهيم بهاجر ولدت له غلامًا زكيا هو سيدنا إسماعيل عليه السلام الذي كان من نسله سيدُنا محمد صلى الله عليه وسلم، ففرح إبراهيم عليه السلام بهذا المولود الجديد وكذلك فرحت زوجته سارة لفرحه، ولما بلغ إبراهيم مع ابنه إسماعيل وأمه هاجر مكة وكانت هاجر ترضع ابنها اسماعيل، وضعها إبراهيم مع ابنه عند دوحه - وهي الشجرة الكبيرة - فوق زمزم في أعلى المسجد، في ذلك المكان القفر وليس بمكة يومئذ أحد ولا بُنيان ولا عمران ولا ماء ولا كلأ، تركهما هناك وترك لهما كيسا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم لما أراد العودة إلى بلاد فلسطين وقفي راجعًا لحقته هاجر أم إسماعيل وهي تقول له: يا إبراهيم أين تتركنا في هذا المكان الذي ليس فيه سمير ولا أنيس؟ وجعلت تقول له ذلك مرارًا وكان يُريد أن يطيع الله فيما أمره عند ذلك فقالت له: ءالله أمرك بهذا؟ قال : نعم، فقالت له بلسان اليقين وبالمنطق القويم: إذًا لا يُضيعنا، ثم رجعت.
ولما ابتعد إبراهيم عن ولده وأم إسماعيل هاجر قليلا وعند الثنية التفت جهة البيت ووقف يدعو الله تبارك وتعالى ويقول : .
مكثت هاجر أم اسماعيل مع ولدها إسماعيل حيث وضعهما إبراهيم عليه السلام وصارت ترضع ولدها إسماعيل وتشرب من ذلك الماء الذي تركه لهما إبراهيم، حتى إذا نفذ ما في ذلك القاء عطشت وعطش ابنها وجعل يبكي ويتلوى من شدة العطش، وجعلت تنظر إليه وهو يتلوى، وانطلقت كراهية أن تنظر إليه في هذه الحالة وصارت تفتش له عن ماء، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فصعدت عليه، ثم استقبلت الوادي تننظر هل ترى أحدًا، فلم ترى أحدًا، فهبطت من الصفا حتى بلغت الوادي وصارت تسعى سعي المجهود حتى وصلت إلى جبل المروة، فصعدت عليه ونظرت فلم تجد أحدًا، فأخذت تذهب وتجىء بين الصفا والمروة سبع مرات، فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا، فقالت: أغثنا إن كان عندك غواث؟ فرأت ملكا وهو جبريل عليه السلام يضرب بقدمه الأرض حتى ظهر الماء السلسبيل العذب وهو ماء زمزم، فجعلت أم اسماعيل تحوط الماء وتغرف منه بسقائها وهو يفور، وجعل جبريل يقول لها: لا تخافي الضياع فإن لله ههنا بيتًا وأشار إلى أكمة مُرتفعة من الأرض يبنيه هذا الغلام وأبوه. روى البخارى في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( رحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم)) أو قال : (( لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينًا معينًا)).
شربت هاجر من ماء زمزم، وارتوت وأرضعت ولدها إسماعيل شاكرة الله الكريم اللطيف على عظيم فضله ورحمته وعنايته، ثم بدأت الطيور ترد ذلك الماء وتحوم حوله، ومرت قبيلة جُرهم العربية فرأوا الطيور حائمة حول ذلك الماء، فاستدلوا بذلك على وجود الماء، فوصلوا إلى ماء زمزم واستأذنوا من أم إسماعيل أن يضربوا خيامهم حول ذلك المكان قريبًا منه فأذنت لهم واستأنست بوجودهم حولها، ثم أخذ العُمران يتكاثر ببركة هذا الماء المبارك الذي خلقه الله في ذلك المكان من هذه البقعة المباركة الطيبة.
al-7op .. { المدير العام } ..
المساهمات : 182 تاريخ التسجيل : 15/06/2008
موضوع: رد: قصة سيدنا ابراهيم الأربعاء يونيو 18, 2008 11:47 am
شب إسماعيل عليه السلام ولد إبراهيم بين قبيلة جرهم العربية وتعلم منهم العربية وترعرع بينهم، ولما أعجبهم سيرته وخلقه زوجوه امرأة منهم، وأصبحت مكة مأهولة بالسكان منذ ذلك الحين بعد أن كانت جرداء وقفراء مُوحشا، وكان سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعد أن رجع إلى فلسطين بعد كل مدة وحين يذهب إلى مكة يتردد إليهم وينظر إليهم ويتفقدهم صلوات الله وسلامه عليه.
جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا فتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحمًا)) قيل: يعني ولادة هاجر لإسماعيل، وقيل غير ذلك، والحديث رواه الطبراني.
قال الله تبارك وتعالى: يذكر الله تبارك وتعالى عن خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه لما هاجر من بلاد قومه إلى حيث يتمكن من طاعة الله وعبادته والجهاد في سبيله، سأل ربه أن يهبه ولدًا صالحًا فبشره الله تبارك وتعالى بغلام مُبارك حليم وهو إسماعيل عليه السلام، لأنه أول من وُلد له على رأس ست وثمانين سنة من عمر إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
ثم رأى إبراهيم عليه السلام في منامه رُؤيا أن الله تعالى يأمره بذبح ولده إسماعيل ورُؤيا الأنبياء وحي، فما كان من نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعد أن استيقظ من النوم إلا أن سارع لتنفيذ أمر الله تبارك وتعالى دون تردد، فقد قيل: لما أراد إبراهيم عليه السلام ذبح ولده إسماعيل قال له: انطلق فنقرب قربانا إلى الله عزوجل، فأخذ سكينا وحبلا ثم انطلق مع ابنه اسماعيل حتى إذا ذهبا بين الجبال قال له إسماعيل: يا أبت أين قربانك؟ فقال له إبراهيم: .
يقال: عرض إبراهيم ذلك على إسماعيل ليكون أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قسرًا ويذبحه قهرًا، فبادر إسماعيل الحليم أباه بقوله: فكان جواب إسماعيل لأبيه إبراهيم في غاية السداد والطاعة لأبيه إبراهيم عليه السلام. وأراد إسماعيل أن يخفف عن أبيه لوعة الثكل ويُرشده إلى أقرب السبل ليصل إلى قصده فقال لأبيه إبراهيم: يا أبت اجعل لي وثاقا و؟أحكم رباطي حتى لا أظطرب، واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح عليك من دمي فتراه أمي فتحزن، وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون للموت علي فإذا أتيت أمي فاقرأ عليها السلام مني، فأقبل عليه إبراهيم برأفة وحنان الآباء يُقبله ويبكي ويقول له: نعم العون أنت لي يا بني على أمر الله عزوجل، قال الله تعالى: أي فلما استسلما لأمر الله وألقاه على وجهه، وقيل: أراد إبراهيم أن يذبحه من قفاه لئلا يشاهده في حال الذبح.
,وأمرّ إبراهيم السكين على رقبة ولده إسماعيل فلم تقطع شيئا لأن الله تبارك وتعالى لم يشأ لها أن تقطع، لأن السكين لا يقطع بطبعه وبذاته وإنما خالق القطع هو الله تعالى وحده، والسكين سبب للقطع فلا تقطع إلا بمشيئة الله فالله تبارك وتعالى خالق السكين وخالق للقطع أي خالق للسبب والمسبب، فالأسباب لا تخلق شيئا وإنما الخالق هو الله تعالى وحده، كما أن الله تعالى هو خالق الإحراق وخالق النار التي هي سبب للإحراق، فالنار لم تحرق نبي الله إبراهيم عندما ألقي فيها لأن الله تعالى خالق الإحراق ولم يشأ لها أن تحرق نبيه إبراهيم عليه السلام يقول الله جلت قدرته: .
وعندما أمّر إبراهيم عليه الصلاة والسلام السكين على رقبة إسماعيل عليه السلام فلم تحك شيئًا ولم تقطع نودي: .
أرسل الله عظمت قدرته لإبراهيم فداء لاسماعيل بذبح كبش عظيم، قيل: كان قد رعى في الجنة أربعين سنة وكان هذا الكبش أبيض عظيمًا أقرن ذبحه إبراهيم بمنى فداء ابنه إسماعيل عليه السلام.
لما أراد إبارهيم ذبح إسماعيل تنفيذا لأمر الله ظهر له إبليس ثلاث مرات عند موضع الجمرات الثلاث اليوم، وذلك ليُوسوس له بالمعصية فرماه سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام عند هذه المواضع بالحصى إهانة له، فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أمروا بهذا الرمي إحياء لسنة نبي الله إبراهيم عليه السلام، وفي ذلك رمز لمشروعية مخالفة الشيطان وإهانته وليس منعى الرجم أن الشيطان يسكن هناك.
بناء إبراهيم وإسماعيل البيت الحرام بمكة المكرمة
يقول الله تبارك وتعالى: .
أمر الله تبارك وتعالى إبراهيم عليه السلام ببناء البيت الحرام - الكعبة المشرفة - وبوأه الله مكانه أي أرشده إليه ودله عليه، وقيل إن الذي دله على موضع البيت هو جبريل عليه السلام، فسار إبراهيم عليه السلام إلى مكة المكرمة، فلما وصل إلى مكة وجد إسماعيل يُصلح نبلا له وراء زمزم فقال له: يا إسماعيل إن الله قد أمرني أن أبني بيتًا، قال له إسماعيل: فأطع ربك، فقال له إبراهيم: قد أمرك أن تعينني على بنائه، قال: إذن أفعل، فقام إبراهيم إلى مكان البيت، فجعل يبني وإسماعيل يناوله الحجارة، وكلما أنهيا بناء صف منها ارتفع مقام إبراهيم به حتى يبني الذي فوقه، وهكذا حتى تمت عمارتها.
ومقام إبراهيم هو حجر كان يقف عليه إبراهيم عند بناء الكعبة وضعه له ابنه إسماعيل ليرتفع عليه كلما ارتفع البناء قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: .
والمقصود أن [راهيم الخليل بنى أشرف المساجد في أشرف البقاع في واد غير ذي زرع، ودعا لأهلها بالبركة وأن يُرزقوا من الثمرات مع قلة المياه وعدم الأشجار والزروع والثمار وأن يجعله الله حرمًا ءامنا.
كذلك سأل إبراهيم عليه السلام الله أن يبعث فيهم رسولا منهم أي من جنسهم وعلى لغتهم الفصيحة البليغة يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ويطهرهم. وقد استجاب الله تعالى فبعث في العرب وفي أشرف القبائل منهم رسولا عظيمًا وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وعندما أكمل إبراهيم بناء الكعبة قال لابنه اسماعيل: إيتني بحجر حسن أضعه على الركن فيكون للناس علما، فأتاه جبريل عليه السلام بالحجر الأسود فأخذه ووضعه موضعه.
تنبيه: ليعلم أن الحجر الأسود هو ياقوتة بيضاء من الجنة لكن لما تمسح به المشركون صار أسود.
والكعبة وسط المعمورة وفوقها إلى السماء السابعة البيت المعمور وهو بيت مشرف هو لأهل السماء الملائكة كالكعبة لأهل الأرض، كل يوم يدخله سبعون ألف ملك يصلون فيه ثم يخرجون ولا يعودون أبدًا.
مولد إسحاق عليه السلام
قال الله تبارك وتعالى: .
كان إبراهيم عليه السلام يذهب بعد كل مدة إلى مكة المكرمة يتفقد ولده إسماعيل وأمه هاجر عليهم السلام وقد صار إسماعيل عليه اسلام بعدما تزوج هناك نبيا. وبعد أن بلغت زوجته سارة سن اليأس وهو السن الذي لا تلد المرأة فيه عادة وكانت إمرأة عقيما وكان عمرها تسعين سنة رزقها الله ورزق زوجها إبراهيم عليه السلام ابنا نجيبا عليما هو إسحاق عليه السلام الذي صار بعد ذلك نبيا كأخيه إسماعيل عليهما السلام.
أما كيف جاء إبراهيم وزوجته سارة البشارة بهذا الولد الطيب فقد ذكر الله تبارك وتعالى أن ثلاثة من الملائكة المكرمين عنده قيل هم: جبريل وميكائيل وإسرافيل لما وفدوا على نبي الله إبراهيم الخليل حسبهم أولاً ضيوفًا، فعاملهم معملة الضيوف وشوى لهم عجلا سمينا من خيار بقره، فلما قربه إليهم وعرض عليهم لم ير لهم همة إلى الأكل لأن ملائكة الله الكرام لا يأكلون ولا يشربون ولا يتعبون ولا يتوالدون وليس فيهم حاجة إلى الطعام، فلما وجد إبراهيم أن ضيوفه ليس لهم همة على الأكل لم يعرفهم ونكرهم وأوجس منهم خيفة، عند ذلك هدءوا من روعه وقالوا لهك لا تخف، وطمأنوه أنهم في طريقهم إلة مدائن قوم لوط الكافرين ليدمروهم وينزلوا بهم العذاب لكفرهم وفجورهم، فاستبشرت عند ذلك سارة غضبا لله عليهم، وكانت قائمة على رءوس الضيوف كما جرت به عادة الناس من العرب وغيرهم، وضحكت استبشارًا بذلك قال الله تعالى: أي بشرتها الملائكة بذلك، عند ذلك أقبلت سارة في صرخة وصكت وجهها كما تفعل النساء عند التعجب وقالت: كيف يلد مثلي وأنا امرأة كبيرة وعقيم وزوجي شيخ كبير فقالوا لها: ، وكذلك تعجب إبراهيم إستبشارًا بهذه البشارة فرحًا بها فأكدوا لإبراهيم هذه البشارة وبشروه وزوجته سارة بغلام عليم وهو إسحاق أخو إسماعيل عليهما الصلاة والسلام.
ثناء الله ونبيه محمد على إبراهيم
يقول الله تعالى في الثناء على نبيه إبراهيم الخليل عليه السلام: قيل: وفى في جميع ما أمر به وقام بجميع خصال الإيمان وشعبه، وكان لا يشغله مراعاة الأمر الجليل عن القيام بمصلحة الأمر القليل ولا ينسيه القيام بأعباء المصالح الكبار الصغار.
وقال تعالى : .
قيل: لما وفى إبراهيم عليه الصلاة والسلام ما أمره الله به من التكاليف العظيمة، جعله للناس إمامًا يقتدون به ويأتمون بهديه، وسأل إبراهيم ربه أن تكون هذه الإمامة متصلة بنسبه وباقية في ذريته فأجيب إلى ما سأل واستثنى من نيلها الظالمون، واختص بها من ذريته العلماء العاملون والصالحون كما قال الله تبارك وتعالى: .
وأما إسماعيل عليه السلام الذي كان عربيًا ونشأ في قبيلة جرهم العربية وتعلم منهم اللغة العربية وتزوج منهم، فلم يُجد من سلالته من الأنبياء سوى خاتم الأنبياء على الإطلاق وسيدهم وسيد الأولين والآخرين وهو سيدنا محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الذي ولد بمكة وهاجر إلى المدينة، فكان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي ينتهي نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام الجوهرة الباهرة والدرة الزاهرة وواسطة العقد الفاخرة الذي يغبطه الأولون لأنه سيد ولد ءادم يوم القيامة. وقد مدح سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي هو من ذريته وقد ثبت في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال( سأقوم مقاما يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم)).
وفاة إبراهيم عليه السلام
توفي سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام وله من العمر مائتا سنة كما يفهم ذلك من حديث ابن حبان، وقيل: عاش سيدنا إبراهيم مائة وحمسًا وسبعين سنة.
وقد عاش عليه السلام بعد هجرته من العراق - بابل - في فلسطين وقد استقر بها، وكان يتردد إلى مكة المكرمة من حين لآخر ليتفقد ولده إسماعيل وأمه هاجر عليهما السلام.
وقد دفنه ابناه إسماعيل واسحاق عليهما السلام في المغارة التي كان قد دفن فيها إبراهيم الخليل زوجته سارة بقرية حبرون وهو البلد المعروف اليوم بالخليل، وهذا مُلتقى بالتواتر أمة بعد أمة وجيلا بعد جيل من زمن بني إسرائيل إلى زماننا هذا